الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقرأ جمهور القراء والأعرج وأبو جعفر والجحدري وقتادة: {يفعلون} بالياء على الكناية عن غائب. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وابن مسعود وعلقمة: {تفعلون} بالتاء على المخاطبة، وفي الآية توعد.وقوله تعالى: {ويستجيب} قال الزجاج وغيره معناه: يجيب، والعرب تقول: أجاب واستجاب بمعنى ومنه قول الشاعر كعب بن سعد الغنوي: الطويل:
و: {الذين} على هذا القول مفعول بـ: {يستجيب}، وروي هذا المعنى عن معاذ بن جبل ونحوه عن ابن عباس، وقالت فرقة المعنى: ويستدعي الذين آمنوا الإجابة من ربهم بالأعمال الصالحة.ودل قوله: {ويزيدهم من فضله} على أن المعنى فيجيبهم، وحملت هذه الفرقة استجاب على المعهود من باب استفعل، أي طلب الشيء. و: {الذين} على هذا القول فاعل بـ: {يستجيب}. وقالت فرقة: المعنى ويجيب المؤمنون ربهم، ف {الذين}: فاعل بمعنى يجيبون دعوة شرعه ورسالته. والزيادة من فضله: هي تضعيف الحسنات، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هي قبول الشفعات في المذنبين والرضوان». اهـ. .قال أبو السعود في الآيات السابقة: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الأخرة}.الحرثُ في الأصل إلقاء البَذْرِ في الأرض يُطلقُ على الزرع الحاصلِ منه المتضمن لتشبيهِ الأعمالِ بالبذورِ ويستعملُ في ثمرات الأعمالِ ونتائجِها بطرق الاستعارةِ المبنيةِ على تشبيِهها بالغلال الحاصلةِ من البذورِ أي من كانَ يريدُ بأعماله ثوابَ الآخرةِ {نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ} نضاعفْ له ثوابَهُ بالواحد عشرةً إلى سبعمائةٍ فما قوقَها {وَمَن كَانَ يُرِيدُ} بأعماله {حَرْثَ الدنيا} وهو متاعُها وطيباتُها {نُؤْتِهِ مِنْهَا} أي شيئًا منها حسبما قسمنَا لهُ لا ما يريدُه ويبتغيه {وَمَا لَهُ في الأخرة مِن نَّصِيبٍ} إذْ كانتْ همتُه مقصورةً على الدُّنيا وقد مرَّ تفصيلُه في سورة الإسراء.{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء} أي بلْ ألهُم شركاء من الشياطينِ، والهمزةُ للتقرير والتقريعِ {شَرَعُواْ لَهُمْ} بالتسويل {مّنَ الدين مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ الله} كالشرك وإنكارِ البعثِ والعملِ للدُّنيا، وقيلَ: شركاؤُهم أوثانُهم وإضافتُها إليهم لأنَّهم الذينَ جعلُوها شركاء لله تعالى وإسنادُ الشرعِ إليها لأنَّها سببُ ضلالتِهم وافتتانِهم كقوله تعالى: {إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا} أو تماثيلُ مَنْ سنَّ الضلالَة لهُم {وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الفصل} أي القضاء السابقِ بتأخيرِ الجزاء أو العدةُ بأنَّ الفصلَ يكونُ يومَ القيامةِ {لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ} أي بين الكافرينَ والمؤمنينَ أو بينَ المشركينَ وشركائِهم {وَإِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقرئ بالفتحِ عطفًا على كلمة الفصلِ أي ولولا كلمةُ الفصلِ وتقديرُ عذابِ الظالمينَ في الآخرةِ لقُضيَ بينهم في الدُّنيا فإنَّ العذابَ الأليمَ غالبٌ في عذابِ الآخرةِ.{تَرَى الظالمين} يومَ القيامةِ والخطابُ لكلِّ أحدٍ ممن يصلحُ له للقصدِ إلى أنَّ سوء حالِهم غيرُ مختصَ برؤية راء دونَ راء {مُشْفِقِينَ} خائفينَ {مِمَّا كَسَبُواْ} من السيئاتِ {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} أيْ ووبالُه لاحقٌ بهم لا محالةَ أشفقُوا أو لم يُشفقُوا، والجملةُ حالٌ من ضمير مشفقينَ أو اعتراضٌ {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات في روضات الجنات} مستقرونَ في أطيب بقاعِها وأنزهِها {لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبّهِمْ} أي ما يشتهونَهُ من فنون المستلذاتِ حاصلٌ لهم عندَ ربِّهم على أنَّ عندَ ربِّهم ظرفٌ للاستقرارِ العاملِ في لهم، وقيلَ ظرفٌ ليشاءون {ذلك} إشارةٌ إلى ما ذُكِرَ من حال المؤمنين، وما فيهِ منْ مَعْنى البُعد للإيذان ببُعد منزلةِ المشارِ إليه {هُوَ الفضل الكبير} الذي لا يُقادَرُ قَدرُه ولا يُبلغُ غايتُه.{ذلك} الفضلُ الكبيرُ هو {الذي يُبَشّرُ الله عِبَادَهُ} أي يبشرُهم به، فحذفَ الجارُّ ثمَّ العائدَ إلى الموصول كما في قوله تعالى: {أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولًا} أو ذلكَ التبشيرُ الذي يبشرُه الله تعالى عبادَهُ {الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات}. وقرئ يُبْشِرُ منْ أبشرَ.{قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} رُويَ أنَّه اجتمعَ المشركونَ في مجمعٍ لهم فقال بعضُهم لبعضٍ: أترونَ أنَّ محمدًا يسألُ على ما يتعاطاهُ أجرًا فنزلتْ. أيْ لا أطلبُ منكُم على ما أنا عليهِ من التبليغ والبشارة {أَجْرًا} نفعًا {إِلاَّ المودة في القربى} أيْ إلا أن تودُّون لقرابتي منكم أو تودُّوا أهل قرابتي، وقيل الاستثناء منقطع والمعنى لا أسألُكم أجرًا قَطُّ ولكنْ أسألُكم الموَّدةَ. وفي القربي حالٌ منَها أيْ إلا المودَّةَ ثابتةً في القربى متمكنةً في أهلِها أو في حقَ القرابة. والقربى مصدرٌ كالزُّلْفى بمَعْنى القرابة. رُويَ أنَّها لما نزلتْ قيلَ: يا رسولَ الله مَنْ قرابتك هؤلاء الذينَ وجبتْ علينا مودَّتُهم؟ قال «عليٌّ وفاطمةُ وابناهُمَا». وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «حُرِّمتْ الجنةُ على مَنْ ظلمَ أهلَ بيتِي وآذانِي في عِتْرتِي، ومن اصطنعَ صنيعةَّ إلى أحدٍ من ولدِ عبدِ المطلبِ ولمْ يجازِهْ فأَنَا أجازيهِ عليها غذًا إذا لَقِيَنِي يومَ القيامةِ». وقيلَ: القربَى التقربُ إلى الله أيْ إلاَّ أن تودُّوا الله ورسولَهُ في تقربكم إليه بالطاعةِ والعملِ الصالحِ. وقرئ {إلا مودَّةً في القربَى}.{وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} أي يكتسبْ أيَّ حسنةٍ كانتْ فتتناولُ مودَّةَ ذِي القربى تناولًا أوليًا. وعن السُدِّيِّ: أنَّها المرادةُ، وقيلَ: نزلتْ في الصدِّيقِ رضيَ الله عنه ومودَّتهُ فيهم.{نَّزِدْ لَهُ فِيهَا} أيْ في الحسنة {حَسَنًا} بمضاعفةِ الثوابِ. وقرئ {يَزِدْ} أيْ يزدِ الله وقرئ {حُسْنَى}.{أَنَّ الله غَفُورٌ} لمن أذنبَ.{شَكُورٍ} لمن أطاعَ بتوفيقِه للثوابِ والتفضلِ عليهِ بالزيادةِ.{أَمْ يَقولونَ} بلْ أيقولونَ {افترى} محمدٌ {عَلَى الله كَذِبًا} بدعوى النبوةِ وتلاوةِ القرآن، على أنَّ الهمزةَ للإنكار التوبيخيِّ كأنَّه قيلَ: أيتمالكونَ أنْ ينسُبُوا مثلَه عليهِ السَّلامُ. وهُوَ هُوَ. إلى الافتراء لا سيَّما الافتراء على الله الذي هُو أعظمُ الفِرَى وأفحشُها.وقوله تعالى: {فَإِن يَشَإِ الله يَخْتِمْ على قَلْبِكَ} استشهادٌ على بُطلان ما قالوا ببيان أنَّه عليه السَّلامُ لو افتَرى على الله تعالى لمنعَهُ من ذلك قطعًا، وتحقيقُه أنَّ دعوى كونِ القرآن افتراء عليه تعالى قول منهم بأنَّه تعالى لا يشاء صدورَهُ عن النبِّي صلى الله عليه وسلم بلْ يشاء عدمَ صدورِه عْنهُ ومن ضرورتِه منعُه عنْهُ قطعًا، فكأنَّه قيلَ: لو كانَ افتراء عليه تعالى لشاء عدمَ صدورِه عنكَ وإنْ يشأْ ذلكَ يختُم على قلبكَ بحيثُ لم يخطُرْ ببالك معنىً منْ معانيه ولم تنطقْ بحرفٍ من حروفِه وحيثُ لم يكُنِ الأمرُ كذلكَ بلْ تواترَ الوحي حينًا فحينًا تبين أنَّه من عندِ الله تعالى.هَذا وقيلَ: المَعْنى إنْ يشأْ يجعلْكَ من المختوم على قلوبهم فإنَّه لا يجترئ على الافتراء عليه تعالى إلا مَنْ كانَ كذلكَ ومؤدَّاهُ استبعاد الافتراء منْ مثله عليه السَّلامُ وأنَّه في البُعد مثلُ الشرك بالله والدخولِ في جملةِ المختومِ على قلوبِهم. وعن قَتَادةَ يختمْ على قلبِكَ يُنْسكَ القرآن ويقطعْ عنكَ الوَحيَ. يعني لوا افترَى على الله الكذبَ لفعل به ذلك، وهذا مَعْنى ما قيلَ: لو كذب على الله لأنساهُ القرآن، وقيلَ: يختمْ على قلبِكَ يربطْ عليهِ بالصبرِ حتَّى لا يشقَّ عليك أذاهُم.{وَيَمْحُ الله الباطل وَيُحِقُّ الحق بكلماته} استئنافٌ مقررٌ لنفي الافتراء غيرُ معطوفٍ عَلَى يختمُ كما ينبئ عنه إظهارُ الاسمِ الجليلِ، وسقوطُ الواوِ كما في بعض المصاحفِ لاتّباعِ اللفظِ كما في قوله تعالى: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر} أيُ ومن عادته أنَّه تعالى يمحُو الباطلَ ويثبتُ الحقَّ بوحيهِ أو بقضائِه كقول تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بالحق عَلَى الباطل فَيَدْمَغُهُ} فلو كان افتراء كما زعمُوا لمحقَةُ ودمغَهُ. أو عِدةٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم بأنَّه تعالى يمحُو الباطلَ الذي هم عليهِ من البَهتِ والتكذيبِ ويثبتُ الحق الذي هو عليهِ بالقرآن أو بقضائِه الذي لا مردَّ له بنصرته عليهم.{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} فيُجرِي عليها أحكامَها اللائقةَ من المحوِ والإثباتِ.{وَهُوَ الذي يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ} التوبةُ هي الرجوعُ عنِ المعاصِي بالندمِ عليها والعزمُ على أنْ لا يعاودها أبدًا. ورَوَى جابرٌ رضيَ الله عْنهُ أنَّ أعرابيًّا دخلَ مسجدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقال: اللهمَّ إنِّي أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ وكبَّرَ فلما فرغَ من صلاتِه قال له عليٌّ رضيَ الله عُنهُ يا هَذا إنَّ سرعةَ اللسانِ بالاستغفارِ توبةُ الكذَّابينَ وتوبتُكَ هذهِ تحتاجُ إلى التوبةِ فقال يا أميرَ المؤمنينَ، وما التوبةُ قال اسمٌ يقع على ستةِ معانٍ: على الماضِي من الذنوبِ الندامةُ، ولتضييع الفرائضِ الإعادةُ وردُّ المظالمِ وإذابةُ النفسِ في الطاعةِ كما ربَّيتها في المعصيةِ وإذاقتُها مرارةَ الطاعةِ كما أذقتَها حلاوةَ المعصيةِ والبكاء بدلُ كلِّ ضحكٍ ضحكتَهُ.{وَيَعْفُواْ عَنِ السيئات} صغيرها وكبيرِها لمنْ يشاء {وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} كائنًا ما كانَ من خيرٍ وشرَ فيجازِي ويتجاوزُ حسبما تقتضيه مشيئتُه المبنية على الحِكَمِ والمصالحِ. وقرئ {ما تفعلونَ} بالتاء.{وَيَسْتَجِيبُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} أي يستجيبُ الله لهم فحُذف اللامُ كما في قوله تعالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ} أي كالُوا لَهُم، والمرادُ إجابةُ دعوتِهم والإثابةُ على طاعتهم فإنَّها كدعاء وطلبٍ لِما يترتبُ عليها، ومنْهُ قوله عليهِ السَّلامُ: «أفضلُ الدُّعاء الحمدُ لله». أو يستجيبونَ بالطاعةِ إذا دَعَاهُم إليها. وعنُ إبراهيِمَ بنِ أدهم أنَّه قيلَ لَهُ ما بالُنَا ندعُو فلا نجابُ قال لأنَّه دعاكُم ولم تجيبُوه ثمَّ قرأ: {والله يَدْعُو إلى دَارِ السلام} {وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ} على ما سألوا واستحقوا بموجب الوعد.{والكافرون لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}. بدلَ مَا للمؤمنينَ من الثوابِ والفضلِ المزيدِ. اهـ..قال السمرقندي في الآيات السابقة: قوله تبارك وتعالى: {حم عسق}.روي عن ابن عباس أنه قال: الحاء حكم الله، والميم ملك الله، والعين علو الله، والسين سناء الله، والقاف قدرة الله.فكأنه يقول: فبحكمي، وملكي، وعلوي، وسنائي، وقدرتي، لا أعذب عبدًا قال: لا إله إلا الله، مخلصًا، فلقيني بها.ومعنى قول ابن عباس: لا يعذب عبدًا يعني: لا يعذبه عذابًا دائمًا، خالدًا.وروى المسيب عن رجل، عن أبي عبيدة، قال: العين عذاب الله، والسين سنون، والقاف فيها القحط العجب.قال: وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «افْتَحُوا صِبْيَانُكُمْ قول لا إله إلاَّ الله، وَلَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لا إله إلاَّ الله» الحِكْمَةُ فِي ذلك، لأن حال الصبيان حال حسن، لا غل، ولا غش في قلوبهم، وحال الموتى حال الاضطرار.فإذا قلتم ذلك في أول ما يجري عليكم القلم، وآخر يجف القلم فعسى الله أن يتجاوز ما بين ذلك.قال المسيب: وحدثنا محدث قال: قاف قذف؛ وقال الضحاك: في قوله: {حم عسق} قال: قضى عذاب سيكون واقعًا، وأرجو أن يكون قد مضى يوم بدر، والسنون.وقال شهر بن حوشب: {حم عسق} حرب يذل فيه العزيز، ويعز فيه الذليل من قريش، ثم يفضي إلى العرب، ثم إلى العجم، ثم هي متصلة إلى خروج الدجال.وقال عطاء: الحاء حرب، وهو موت ذريع في الناس، وفي الحيوان، حتى يبيدهم، ويفنيهم، والميم تحويل ملك من قوم إلى قوم، والعين عدو لقريش يركبهم، ثم ترجع الدولة إليهم بحرمة البيت، والسين هو استئصال بالسنين كسني يوسف، والقاف قدر من الله نافذ في ملكوت الأرض، لا يخرجون من قدره، وهو نافذ فيهم.وقال السدي: الحاء حلمه، والميم ملكه، والعين عظمته، والسين سناؤه، والقاف قدرته.وقال قتادة: هو اسم من أسماء الله تعالى.ويقال اسم من أسماء القرآن.ثم قال تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ} يعني: أوحى الله إليك بـ: {حم عسق} كما أوحى الله بها إلى الذين كانوا من قبلك.وقال ابن عباس: ليس من نبي وإلا وقد أوحى الله تعالى إليه بـ: {حم عسق} كما أوحى الله بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.قرأ ابن كثير: {يوحى إِلَيْكَ} بالألف، على معنى فعل ما لم يسم فاعله.وقرأ الباقون: {يُوحِى} بالكسر.يعني: هكذا يوحي الله إليك.وقرىء في الشاذ (نوحي) بالنون.ثم قال: {الله العزيز} بالنقمة على من لم يجب الرسل، {الحكيم} حكم بإنزال الوحي عليك.وقال مقاتل: {كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ} يعني: في أمر العذاب.قوله عز وجل: {لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} يعني: من خلق، {وَهُوَ العلى} يعني: لرفعي {العظيم} فلا شيء أعظم منه. يعني: عظيم قدرته.قوله تعالى: {تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ} يعني: يتشققن، {مِن فَوْقِهِنَّ} يعني: تكاد أن يتشققن من قدرة الله، وهيبته. يعني: من هيبة الرحمن، وجلاله، وعظمته.قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحمزة، وعاصم، في رواية حفص: {تَكَادُ السماوات} بالتاء، بلفظ التأنيث، {يَتَفَطَّرْنَ} بالتاء بلفظ التأنيث.وقرأ أبو عمرو، وعاصم، في رواية أبي بكر: {تَكَادُ} بالتاء بلفظ التأنيث، {يَتْفَطِرْنَ} بالنون.وقرأ الباقون: بالياء بلفظ التذكير {السماوات يَتَفَطَّرْنَ} بالياء.ثم قال: {والملائكة يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} يعني: يسبحونه، ويذكرونه، {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرض} يعني: للمؤمنين.وروى داود بن قيس قال: دخلت على وهب بن منبه، فَسُئِلَ عن قوله: {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شيء رَّحْمَةً وَعِلْمًا فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ واتبعوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجحيم} [غافر: 7] قال: للمؤمنين منهم.وفي رواية أنه قال: نسختها الآية التي في سورة المؤمن حيث قال: {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شيء رَّحْمَةً وَعِلْمًا فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ واتبعوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجحيم} [غافر: 7].وروى معمر عن قتادة قال: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرض} قال: للمؤمنين منهم.قال أبو الليث رحمه الله: هذا الذي روي عن قتادة أصح، لأن النسخ في الأخبار لا يجوز، وإنما في الأمر، والنهي.ثم قال: {أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الغفور} لذنوبهم، {الرحيم} بهم في الرزق.ويقال: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرض} يعني: يسألون لهم الرزق.قوله عز وجل: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} يعني: عبدوا من دون الله {أَوْلِيَاء} يعني: أصنامًا.{الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} يعني: يحفظ أعمالهم، ويقال: شهيد عليهم، {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} يعني: بمسلط، لتجبرهم على الإيمان.وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.
|